حين "يحمل" وادي الدوار

مـعـلـم في الأرياف: حين "يحمل" وادي الدوار

الأربعاء, 27 فبراير 2013 11:40

زاوية يكتبها الزملاء الصحافيون
والمراسلون بالتناوب ترصد واقع التدريس بالوسط القروي من خلال شهادات حية
لمدرسين ومدرسات ينحتون الصخر لإنجاح هذا الشيء الذي اسمه "مدرسة
النجاح"..فتحية لهم ولهن.
في هذا الصباح من يناير، تبدو السماء
مقنعة خلف سحب داكنة .وجه المعلم مغلق بالتركيز الذهني  والحصص المتراكمة
والوقت الضيق. ينبغي، إذن، إدانة هذا الالتباس. ما أصعب أن يتناثر
المتعلمون فوق طاولات مهترئة على قلوبهم رعشة الأهرامات وبضع كلمات تلوك
الدهشة والصبر ... الجو مكهرب بما يحمله من عواصف ورعود ...
أخبار الدوار تؤكد أن الوادي سيحمل، ومعناه سيجرف أي شيء، التربة والأحجار، مرورا بجدران المدرسة ومحافظ الأطفال ...
يمكن «لبراح الدوار» أن يخرج الآن ، لأن الأرصاد الجوية تؤكد ذلك، ولتذهب طمأنينة السيد « شعشوع» إلى الجحيم.
النشرة الجوية فقدت مصداقيتها، ولم
يعد الوجه اليتيم لتلك السيدة الأنيقة يبعث الدفء في القلوب. ثلج يقتل
لحظات التقرب، قلوب مثلجة تملك طلعة السكان، وغيوم انسحبت بوداعة.
في الأفق، تظهر جبال أنهكها البوح والانتصاب. خراب يلمع أحذية اللغة، ما أصعب أن تحتاج الروح إلى بطارية الإزعاج..؟
الكل يبحث عن تفاصيل الجفاف....
تاريخ اليوم، درسنا اليوم هو :....حالة الطقس .....سؤال..؟؟؟
نهار آخر، وتنتهي بقية الأسبوع.
الاثنين توسدت غباوته بمكر، والأربعاء يزعجني على غير العادة بأعمدته
النحيلة ..وقريبا من أصابع اليد يتثاءب السبت سكين الأسبوع ..ماذا بقي
منه؟
أحد بدون أحد .
لنستمع أكثر. وكما يرددون في وصلات إشهارية، ولنضغط على زر الصمت قليلا،
ف «تايد» ينظف أحسن، والأفضل: قهوة «كافيتو» وشرايين الروح هي «البيبسي كولا»، واللي تلف يمد يدو لصابون الكف ..
قال صديقي: حين انطلق إشهار «المينورا» أعلنت حالة الاستنفار في الأسعار :
«تحسن بلا ما»، أظن أن أفكاري خرجت عن
تصوري، وأن الأشياء تفكر في الصعود بدل الاشتغال بالمصافحة، فبمجرد أن
بدأت يداي تلوحان للهواء، حتى تسابق التلاميذ في فوضى عارمة إلى
الاستراحة:
- عميمي جا ... عميمي جا...
- كنت شيطان أوليدي ف الصغر ..ولد بو عزة ولى (اصبح) طبيب وزاد معزة ..
كيف نسدل ستار الإقناع بكوننا نكابد أكثر من اللازم، وعلب الكبريت تشل الحركة، تفتح حماما لكل رعشة..؟
-أخرجوا أياديكم بدل الدفاتر، ألاحظ أنكم في حاجة لدقات ..
- أستاذ ..أستاذ ... ضربني هذا ....؟
الأطفال يقفزون خارج الحجرة المبثوثة في الخلاء ...
من النافذة تتسلل ريح شرقية، خلف أذني، صور موحشة ليست على البال، كيف استطعت أن أبيع الفراش والكتب والمراجع والمذياع ...؟
تقززت حين سمعت جملة الذي سأل صديقي عن مهمتي، وحين عرفه حثه على الشراء..
- اشتر منه كل شيء.. الدراجة، الثلاجة، ولا تشتر منه شيئا واحدا فقط:
ما تشريش غير المرا...(الزوجة)؟
عزالدين الماعزي (أستاذ)

صورة تتكرر أحداثها في كثير من المناطق المغربية..فهناك من يخرج عن صمته ليعبر وهناك من يكتم أمره