الامتحانات ترفع حمى دروس الدعم
الخميس, 14 يونيو 2012 09:45
تقنين الساعات الاضافية يساعد على تكافؤ الفرص بين المتعلمين
ترتفع حمى إقبال التلاميذ على دروس الدعم والتقوية قبل التباشير الأولى لأيام امتحانات الباكلوريا، وترتفع وتيرة العمل في محلات النسخ وكذا بعض المطبعات التي فشلت في فرض اسمها في ساحة المعرفة، ويتنامى رواج تجاري تتشكل معالمه وتنخرط فيه الأسر بحماس قل نظيره لمساعدة أبنائها على تجاوز المحن، ما يساهم في توفير مداخيل إضافية لبعض التجار الذين بارت تجارتهم بل يصبح الإقبال على "منتوجهم" أمرا ملزما عندما تعجز عقول بعض التلاميذ تمثل دروس تتحول إلى "حجابات" تدس في مناطق حساسة في الجسد. في المقابل، تتحول منازل بعض المدرسين إلى مدارس ثانية غير مرخص لها، إذ يصبح المدرس موزعا بين إعطاء دروسه داخل مؤسسته العمومية التي يتقاضى عنها أجرا محترما وبين تقديمه مجهود إضافي لفائدة الراغبين في الاستفادة من دروس الدعم والتقوية التي تنهك جيوب الأسر أمام صمت المسؤولين المريب عن الظاهرة، والبحث عن سبل النجاح بأي ثمن. وتستشري ظاهرة دروس الدعم والتقوية تدريجيا في أوساط الأسر المغربية بمختلف انتماءاتها الاجتماعية سيما أن آباء وأولياء التلاميذ يعتبرونها شرا لابد منه، لأنهم يجدون أنفسهم مجبرين على التعامل مع مدرسين إضافيين للرفع من المستوى المعرفي لأبنائهم الذين يعتقدون بضرورة الاستفادة منها، بعد أن عاينوا من خلال ممارساتهم الصفية فضلها على المحظوظين الذين ينعمون برعاية زائدة، مقابل تهميش غير مبرر لكل من يرفضها، في حين أن بعض المدرسين يعتبرونها قدرا محتوما على التلاميذ بعد أن استهوت عائداتها المربحة مجموعة منهم وجدوا فيها ضالتهم المالية . وأثارت دروس الدعم والتقوية نقاشا حادا بين مختلف الفاعلين التربويين من جهة وبين شرائح اجتماعية متعددة المشارب أكدت أن التعليم انحرف عن مساره التربوي الذي كان يهم بالأساس تكوين أجيال تجسد الهوية المغربية الحقيقية القائمة على التضامن وبناء المجتمع القادر على رفع التحديات المستقبلية، كما أن المربي لم يعد في مستوى نبل رسالته ولم يعد التعليم كذلك في جزء منه مجانيا، طالما أن ظاهرة الدروس الخصوصية تفشت في كل الأوساط وأصبحت تؤثر سلبا على مستقبل الأسرة، إذ غالبا ما تتسبب في خلق مشاكل مالية لأرباب الأسر ذوي الدخل المحدود الذين يكرهون على قبول واقع مر لمنح أبنائهم أمرا تحول إلى «امتياز» بفعل ممارسات تتنافى وواقع التربية، بعد أن صمتت وزارة التربية الوطنية على خروقات عدة فسحت المجال أمام الظاهرة لتفرض نفسها على أسر ترفض في قرارة نفسها، لكنها تنصاع أمام رغبات بعض المربين الذين باتوا يفرضون على تلاميذهم الاستفادة من دروس خصوصية مقابل تمتيعهم بنقط إضافية تشرع أمامهم أبواب المؤسسات المهنية وضمان «مستقبل زاهر».
ولم تنج الأسر التي فضلت تعليم أبنائها بالمدارس الخصوصية من أخطبوط الظاهرة التي التفت على جيوبها لتفرغها من بعض المال الذي ادخرته لوقت الشدة بعدما وجدت نفسها محاصرة برغبات أبنائها الجامحة للاستفادة من دروس الدعم التي يقدمها أساتذة استقطبوا زملاءهم في الصف الدراسي، ما أجبرهم على قبول الأمر الواقع، وبالتالي البحث عن مصاريف إضافية لإشباع نهم الأبناء الذين راحوا يلعبون أدوارا مزدوجة تتوزع بين أداء الواجب الشهري لفائدة القائمين على تدبير شؤون المدارس الخصوصية وتوفير المبلغ المالي الذي يقترحه المدرس لانضمامهم إلى مجموعة زملائهم والاستفادة من امتيازات يحرم منها باقي تلاميذ الفصل. يقول والد تلميذ مكتو بنار دروس الدعم «إنني أتابع مسيرتي ابني الدراسية وأسهر على تعليمه وأوفر له الظروف الكافية لتعلم جيد بالرغم من أنه يدرس في مدرسة خصوصية. ولخوفي الشديد على مستقبله من الفشل تعاقدت مع مدرسين لدعم قدراته والانضمام إلى جوقة زملائه الذين يتسابقون للاستفادة من دروس الدعم وبالتالي يكون الالتزام التام بالمنزل لاستقبال هذا المدرس وتوديعه أو الانتقال إلى منزل مدرس آخر علنا نحصل على نتيجة تخول لابني آفاقا رحبة في المستقبل. من جهتهم، يراهن الأساتذة الذين يقدمون دروس الدعم على ما يجنونه من مال نهاية كل شهر لتسديد أقساط السلفات التي أنهكت رواتبهم الشهرية، علما أن توفير سكن للأسرة وتلبية متطلبات الأبناء الدراسية في المستوى العالي يتطلب العمل المضني خارج أوقات العمل، وبالتالي، يقول أحد المدرسين، إن ما يقوم به أساتذة دروس الدعم لا يتنافى وأخلاقيات المهنة سيما أن دروس الدعم توجه غالبا لفائدة التلاميذ متوسطي الذكاء لدعم قدراتهم المعرفية للحاق بركب التلاميذ المتفوقين الذين يستوعبون الدروس بشكل سريع داخل الفصول الدراسية. ولم يمانع المصدر ذاته من تقنين دروس الدعم ووضع إطار قانوني خاص لها لئلا تتشتت جهود المدرسين الذين يقدمون دروس الدعم على حساب تلاميذ تتقلص فرصهم في التعلم لأنهم يجدون أمامهم أساتذة بدون روح بذلوا جهودا كبيرة، ولم يراعوا حقوق التلاميذ في التعلم في ظروف أحسن.
سعيد فالق (بني ملال)
الرئيسية 
