من الظواهر المقلقة التي يكاد جل الفاعلين التربوين والأسر، يجمعون على تصاعد حدة خطورتها في مدرستنا المغربية، ظاهرة الفشل المدرسي والتدني المستمر لمستوى المتعلمين.
غير أنه في المقابل،لا نلاحظ استنفارا مدرسيا ومجتمعيا كبيرا لتشخيص ومعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، التي تهدد وظيفة المدرسة، ومستقبل أطفالنا والمجتمع عامة الذي يراهن على التنمية البشرية.
الظاهرة التربوية هي ظاهرة مركبة، وعليه فإن أسباب الفشل المدرسي هي أسباب مركبة ومتداخلة، وأن أي تشخيص وعلاج أحادي وتجزيئي لها كما يقع غالبا في منظومتنا التربوية يبقى بدون جدوى، ولا يعطي النتائج الايجابية المرجوة ·
هنا، سنحاول تشخيص بعض المتغيرات/الأسباب التي تغذي ظاهرة الفشل المدرسي في مدرستنا المغربية، وذلك من خلال مقاربة سوسيو تربوية ونفسية ما أمكن، لأهم المتغيرات/العناصر التي تفتعل وتفاعل في المنظومة المدرسية: المتعلم، المدرس، الجهاز الإداري والتربوي، الفضاءات والخدمات المدرسية، الأسرة، المجتمع.. فمن بين أهم العوامل التي تساهم في الفشل الدراسي لدى المتعلم/ة: الصعوبات النمائية والفزيولوجية (المخلفات السلبية للمراحل النمائية السابقة، عدم فعالية واكتساب بعض القدرات العقلية، الفقر الغذائي، بعض المشاكل الصحية، العوائق الاجتماعية والثقافية للأسرة، الأمية، الفقر، اللاتوازن الأسري، عدم وجود الجو المنزلي المناسب للعمل الدراسي، صعوبات بيداغوجية وديداكتيكية، كثرة المواد واللغات الدراسية، عدم كفاية الغلاف الزمني للمواد، غياب التواصل الديداكتيكي الفعال مع المدرس...).
كما نجد عدة عوامل سلبية لدى المدرس/ة تنعكس سلبا على فعاليته، وبالتالي تساهم في الفشل الدراسي، منها: غياب الاستقرار الاجتماعي (هزالة الأجرة أمام التصاعد الصاروخي للأسعار ومتطلبات الحياة، الانفصال الأسري، المعاناة اليومية مع النقل، غياب جل الخدمات الاجتماعية والثقافية والترفيهية، خصوصا لدى العاملين في المجال القروي، شبه غياب لشروط العمل المهنية المريحة والحديثة، عدم تعميم الوسائط والوسائل الديداكتيكية الحديثة والكافية، الاكتظاظ والأقسام المشتركة التي أصبحت قاعدة لتغطية الخصاص والتقليص المستمر للمناصب المالية، كثرة المواد وساعات العمل، التواصل الإداري والعمودي وغير الديمقراطي أحيانا، غياب الكفاءة والفعالية البيداغوجية المرجوة، ويزداد هذا العامل سلبية أكثر مع الغياب الشبه التام للتكوين المستمر الذي يجب أن يصاحب المستجدات التربوية والإصلاحية الحديثة). هذا، بالإضافة إلى معاناة جل المدرسين والمؤطرين مع ضبابية وسرعة الإصلاح الجديد للبرامج والمناهج والكتب المعتمد على مقاربة بيداغوجيا الكفايات.
كما نلاحظ شبه غياب أو عدم كفاية وجودة أشكال الدعم المدرسية النفسية والاجتماعية والثقافية، حيث تقتصر فقط على الدعم المعرفي لوحده لمعالجة التعثرات الدراسية والفشل المدرسي للتلميذ. كما لا تهتم بالدعم البيداغوجي للمدرسين وبتشخيص أسباب التعثرات في الطرق والمناهج والبرامج والكتب المدرسية·