غالبا ما نتحدث عن الاعتماد على النفس، باعتباره الهدف الرئيس للتربية الناجحة. ولكن الكثير من الآباء يتساءل عن كيفية مرافقة طفلهم نحو طريق الاستقلالية. فإذا كان الطفل قبل ست سنوات، يخشى تخلي والديه عنه، فإنه بين سبع وعشر سنوات، سوف يخطو
خطواته الأولى نحو مرحلة أكثر استقلالية. وقبل التفكير في تمكين طفلك من الاستقلالية أو الاعتماد على النفس، لا بد من تقييم قدراته على أن يصبح مستقلا بذاته. وهناك عدة نقاط أساسية تؤخذ في الاعتبار من أجل حصول هذا التطور دون صعوبة كبيرة.
معرفة الطفل
قبل أن تطلب شيئا من طفلك، من الأفضل تقييم قدراته على أن يصبح مستقلا بذاته. لمعرفة ما إذا كان قادرا على الذهاب إلى المدرسة وحده، على سبيل المثال، يجب البدء بسؤاله عن ما يعتقده هو، وهل هناك في المدرسة من الأطفال من يأتي إلى المدرسة بمفرده؟ هل تحدث معهم؟ هل يشعر أنه يستطيع ذلك؟ وإلا، كيف يفسر تردده؟ هل هو حقا خائف أم أنه يرغب ببساطة أن تستمر في مرافقته (إذ ينظر لذلك باعتباره تعبيراعن المودة)
وإضافة إلى الجانب العاطفي يجب تقييم قدراته «العملية». على سبيل المثال، هل يخاف من الغرباء؟ هل يستطيع عبور الشارع إلى المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح؟ هل يستطيع شراء الخبز دون خطإ في حساب العملة؟ هل يستطيع إجراء اتصال هاتفي بمفرده؟ إنه عبر مراقبته في حياته اليومية، سوف يتم التقييم بدقة في أية أنشطة يمكنه اكتساب الاستقلالية.
لا للإكراه
من المهم جدا عدم إجبار الطفل على فعل شيء، لا يشعر أنه حقا قادر على فعله، أو يُظهر اتجاهه علامات قوية للمقاومة. في الواقع، قد يعود التأخير في الاعتماد على النفس إلى اختبار تجربة جديدة عيشت بطريقة سلبية، بدلا من أن تساعده على النمو. سوف يتذكر المشاعر السلبية التي شعر بها، ولن تكون لديه الرغبة أبدا لمحاولة اختبار أنشطة جديدة.
استخدام الدوافع
من أجل توجيه فعال للأبناء من أجل الاعتماد على النفس، يجب اللعب في المقام الأول على رغباته ودوافعه. ومن أجل رفعها وتوفير الرغبة في الحصول على مزيد من الاستقلالية، لابد من تقييم كل مرحلة جديدة، موضحين للطفل أن هذا التغيير إيجابي لحياته (قدر أكبر من الاستقلالية هو أيضا مزيد من الحرية). لا بد من إدراكه للأشياء الجديدة التي يستطيع أن يفعلها، وذلك دون أن يكون تحت رقابة دائمة من والديه.
الثقة فيه
إذا كنت قلقا بشأن طفلك، سوف يستشعر ذلك، حتى لو كنت تفعل كل ما تستطيع لإخفاء ذلك عنه. إذا شعر أنك لا تعتقد أنه كفء، سوف يشك هو أيضا في قدراته ويفقد الثقة في ذاته، وسيشعر بالقلق بمجرد التفكير في أنه سيضطر إلى أداء المهام بمفرده.
بين سبع وعشر سنوات، يلج الطفل مرحلة الفهم والإدراك، ويبدأ حياة أكثر استقلالية. للمساعدة، يجب أولا ملاحظته، والثقة فيه، وتجنب حمايته بطريقة مبالغ فيها، مخافة التضييق عليه وخنقه.
مصطفى شقيب
كاتب وباحث في العلوم النفسية والإنسانية
التجديد - 02 مايو 2012