تربية بريس
صلاح الدين باشيري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لا غرو عندنا أن من أهم مداخل الإصلاح إصلاح الإدارة التربوية، فالإدارة الناجحة التي تستند إلى التدبير التشاركي المنفتح على مختلف الفعاليات، و المعتمدة على مقاربة ترشيد الحكامة ، هي السبيل الأنجع إلى تجاوز كثير من الإشكالات التعليمية.http://www.tarbiapress.blogspot.com/
بيد أننا نجد أن الأدبيات التربوية التي تجعل من الحكامة الرشيدة قطب الرحى في عملية الإدارة التربوية، لا تجد مع الأسف تنزيلها الملموس على أرض الواقع. فلا زلنا نعيش بعقليات العصور البائدة التي تجعل المدير قائدا مستبدا سلطوي التفكير و المسلك. و ما تزال الإدارة التربوية في مجتمعنا المتخلف مرادفا للديكتاتورية، و الأوتوقراطية، و في كثير من الأحيان للقهر و التضييق ...http://www.tarbiapress.blogspot.com/
و هذا التنافي بين الخفي و المعلن؛ بين الكلام و الواقع ليؤشر بقوة على شدة انفصام شخصية المجتمعات المتخلفة، التي يعد بلدنا ــ و لا فخر ـــ من أهمها.
نيابة إقليم فجيج واحدة من النيابات التي تتفنن في تخريج مديرين لا يربطهم مع الإدارة إلا الخير و الإحسان، و لا يعرفون عن فن تدبير الخلاف إلا ما تعرفه الأجنة عن عالم الشهادة، و لا يدركون منها إلا ما يدركه العُمْي من اللون الأحمر. و كيف يعرفون و لا أحد منهم ــ إلا من رحم ربك ــ اتجه إلى الإدارة عن قناعة و إيمان بفاعليتها في النهوض بقطاع التعليم ؟ و لو بحثنا في الأسباب الموجهة لاختيار أكثر المديرين مهمة الإدارة التربوية لما وجدناها تخرج عن أسباب أربعة :http://www.tarbiapress.blogspot.com/
1 / الرغبة في الاستفادة من الحركة الانتقالية، ليسر الانتقال بصفة المدير قياسا إلى صفة الأستاذ.
2/ عدم القدرة على مزاولة التدريس بعد استفراغ جهد سنوات طوية في الميدان .
3/ الاستفادة من التعويضات خصوصا بعد الزيادات الجزيلة التي جعلتها مغرية، فضلا عن امتياز مجانية السكن.
4 / الميولات السلطوية، و الانحرافات النفسية التي تعد المناصب التحكمية ــ الإدارية وسيلة ميسرة من وسائل إشباعها.
المصدر : موقع تربية بريس
و قد توجه هذه العوامل كلها أو بعضها اختيارات المرشحين للإدارة، و لكن من النادر أن نجد لهؤلاء تصورا واضح القسمات، للمهمة التي هم مقبلون عليها، و قليلا ما نجد منهم من يقدر خطر هذا المسؤولية، و لا يستسهل تبعاتها.
و مع توالي تخريج )) هذا الصنف من المديرين في هذا الإقليم المهمش يصبح من المشروع عندنا أن نتساءل عن جدوى المعايير و المقاييس التي تعتمدها كل من الوزارة و النيابة لإسناد التكليفات؛ كما نتساءل أيضا حول الإقرارات التي لم يتخلف عن نيلها أحد من المديرين حتى أولئك الذين دخلوا دوائر الاتهام في قضايا الشرف من أوسع أبوابها؛ كما نتساءل حين نرى هؤلاء يُعطَوْن الإقرارات بالرغم من مسالكهم المشينة عن جدوى وضعهم تحت التمرين إذا كانوا سيحظون جميعا في نهاية موسم التمرين بتلك الإقرارات؟؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]و حين تقرهم النيابة في مناصب الإسناد تلك، ألا تقرهم بالتالي على ما درجوا عليه من إساءة للمدرسة المغربية بكل مكوناتها ؟ ألا تقرهم على بلبلبة المؤسسات التعليمية بجعلها معتركا ساخنا للانتماءات الإيديولوجية و النقابية لزرع الفرقة و التشتت داخلها، تحقيقا لبعض المكاسب الآنية التي سرعان ما تتصرم من بين الأصابع؟ ألا يمكن أن نعد ذلك مقصودا من النيابة، على اعتبار أن المدير الراشد في عرفها هو ذلك المدير الذي لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها على الأساتذة في كتاب يتلقونه بشمائلهم أو من وراء ظهورهم؛ و الذي لا هم له إلا أن يكون عينا ثانية، بعْد عين الداخلية، ترصد تحركات الأساتذة.
يجب إعادة النظر في المعايير المحددة للانتقاء، لأن الأقدمية، أو الشهادة الجامعية، أو حتى النجاح المشهود له في مزاولة التدريس، لا يمكن أن تكون معايير مقنعة قادرة على انتقاء المدير الناجح..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إنني أرى أن معيار الأقدمية، مثلا، لا يفرز إلا مديرا من الجيل العتيق، انقطعت عنده بوصلة الزمن، فلم يعد قادرا على تخطي جيله، و طريقة تفكيره المتجاوزة؛ كما أن النجاح في القسم لا يعني أبدا القدرة على النجاح في مزاولة الإدارة التي هي في حقيقتها فن تدبير الخلاف. و مثل ذلك يقال عن الشهادة الجامعية ــ التي لا بد أن تتآكل و يعفو عليها الزمن إذا لم يواصل صاحبها مسيرة الاطلاع و التكوين الذاتي ــ فلا تعد معيارا مقنعا حين تكون في تخصصات بعيدة عن التدبير الإداري، فضلا عن أنها تشعر كثيرين من حملتها بالاستعلاء، الذي إذا اقترن بسلطوية المنصب الإداري أصبح علة مرضية تستدعي التدخل الطبي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]و قد يقول قائل : إن هذه المعايير معايير شكلية، وضعتها الوزارة، لتحديد الملامح العامة المطلوبة في المدير و تركت بعد ذلك الباب مشرعا أمام النيابات للاجتهاد من خلال إجراء المقابلات الشفوية.http://www.tarbiapress.blogspot.com/
و هذا الكلام سديد طبعا، ليس لنا اعتراض عليه، لذلك فإن إدانتنا موجهة ابتداء إلى النيابة، فهي المسؤول الأول أمام المدرسة العمومية على الفساد الإداري الذي يطالها. إن مقابلة سريعة، تتم بمن حضر من المفتشين و رؤساء المصالح لا يمكن أن تهدينا إلى تحديد الأصلح لهذا الإسناد ؛ لذلك تصبح عملية التتبع و المصاحبة الميدانية طوال سنة التمرين ضرورية؛ كما يصبح خيار الإعفاء لمن ثبت لدى النيابة عدم كفاءته خيارا تفرضه المصلحة العامة؛ هذا الخيار الغائب في إقرارات المديرين و الذي تتحكم فيه بعض الحسابات الضيقة الفارغة ليُشكّل واحدا من تجنيات النيابة على المدرسة العمومية و على سائر مكوناتها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إن أهم معياريين برأيي يجب توافرهما في المرشح أن يكون شابا، لضرورة تشبيب المناصب القيادية في هذه اللحظات الحرجة بالذات، و أن يكون واعيا بفاعلية الإدارة مقتنعا بها حاملا لتصور جلي الملامح، قادرٍ على إعادة الأمل و الثقة إلى الأدارة التربوية؛ و هذان المعياران سيظلان فارغين من كل محتوى ما لم يُصاحَب المدير خلال فترة التمرين و يحكم على أدائه بما تقتضيه الديمقراطية و الحكم الموضوعي.
الرئيسية 
المدينة
.jpg.html)
