إشكالية متغيرات المنظومة التربوية المغربية
من المعلوم أن لكل دولة منهاجا يؤطر منظومتها التربوية، يشتمل على الخطوط العريضة
للمقاربات التربوية المعتمدة، ويحدد مسار المتعلمين، و ملامح تخرجهم. هذا المنهاج ، تتم أجرأته عبر مقررات وبرامج. ثم بعد ذلك يعهد إلى الأساتذة و الأستاذات تطبيق مقتضياته ، في الوقت الذي يعهد فيه إلى المفتشين التربويين تتبع ومصاحبة وتأطير الأساتذة ومساعدتهم على حسن التطبيق. على أساس أن ترفع تقارير إلى مراكز القرار عبارة عن تغذية راجعة و تفاعل بين ما يحدث في الميدان و واضعي التصورات. وهنا يكمن المشكل عندنا في المغرب، حيث أن هذه التقارير لا يصل أغلبها و في أحسن الأحوال لا يصل منها إلا التقارير المثمنة لكل خطوات الوزارة.
بعض الأستاذات و الأساتذة لم يستسيغوا الانتقال من بيداغوجيا الأهداف إلى بيداغوجيا الكفايات، ثم بعد ذلك تبني بيداغوجيا الإدماج التي تم التخلي عنها مؤخرا مع مقدم وزير التربية الوطنية محمد الوفا. وهو موقف في اعتقادنا غير سليم، لأن هذا المسار تعرفه جميع المجتمعات. و المغرب لا يمكن أن يبقى معزولا عن العالم مقتصرا على بيداغوجيا واحدة لا تتغير .
إذا، فالتغيير أمر طبيعي و مطلوب. لكن العيب يكمن في الطريقة المتسرعة التي يتم بها الانطلاق من مقاربة إلى أخرى دون اعتماد منهجية تشاورية تشمل جميع الفاعلين في الميدان من مفتشين تربويين ومديرين وأساتذة. صحيح أن موقف المفتشين من بيداغوجيا الإدماج كان مرتبكا، لكن لا يجب أن ننسى أن مواقفهم منها كانت متباينة، و كانت هناك تحفظات حول طريقة التنزيل.
إن المشكل ليس في بيداغوجيا الإدماج التي تعتبر كغيرها من البيداغوجيات ( بيداغوجيا الخطأ، بيداغوجيا المشروع، البيداغوجيا الفارقية...) من بين البيداغوجيات الحديثة، وإنما في الطريقة المقلوبة التي اعتمدت في تنزيلها حيث شرع في تطبيقها انطلاقا من أسبوعي التقويم. في حين كان الأحرى التعامل مع كل المقاربات البيداغوجية المعتمدة حديثا في المجال التربوي على قدم المساواة، و ترك المبادرة للأستاذ لاختيار الأصلح منها حسب ما يتطلبه كل نوع من الدروس و حسب البيئة التربوية .
لذا، فإن المطلوب من كافة الفاعلين في الميدان التربوي تبنى مقاربة تشاركية هدفها الوحيد اقتسام الهموم التربوية للمدرسة الوطنية في أفق النهوض بالتعليم ببلدنا.
م.ي