تباينت ردود فعل الأوساط التعليمية وغير التعليمية بالمناطق الجنوبية تجاه قرار وزير التربية الوطنية، محمد الوفا، الذي قام بتوقيف مدير أكاديمية جهة كلميم السمارة، محمد العوينة، مباشرة عقب مكالمة هاتفية صاخبة على خلفية ما وقع بمركز ثانوية باب الصحراء حيث كان يجري تصحيح امتحانات البكالوريا. فبينما تلقّت مختلف الأوساط القرار باندهاش ملحوظ، اعتبر المدافعون عن هكذا قرار بكونه جاء في سياق تشدّد الوزارة في التطبيق الصارم للقوانين والحزم في تدبير الشؤون التربوية والإدارية، وهو ما يفرض على كل مسؤول ارتكب خطأ ما تحمّل عواقبه، غير أن منتقدي قرار الوزير اعتبروه مبالغا فيه، وكونه جاء تعبيرا عن نزوة شخصية أثناء مكالمة هاتفية بين وزير ومسؤول أدنى منه لم يقبل الانصياع لتعليمات ربما رآى فيها مدير الأكاديمية عدم صوابها
وكون تأثيراتها السلبية على الجسم التعليمي ستكون "وخيمة". وفي هذا السياق أوضحت مصادر "تربويات" بالمصالح المركزية للوزارة أن الوزير كان مُصرا على أن يتوصل بلائحة الأساتذة الذين قاموا بتعليق عملية تصحيح أوراق الامتحانات من أجل اتخاذ إجراءات زجرية في حقهم، بينما تمسّك مدير الأكاديمية بكون مشكل التعويضات تم حّله بالتفاوض مع الأساتذة بشكل مباشر، وأن الأمر لا يستدعي تضخيما أكثر قد يتسبّب في إشعال فتيل الاحتجاجات بكل مراكز الامتحان على الصعيد الجهوي والوطني، هذا فضلا عن كون مقتضيات المرسوم الذي تحدّث عنه بلاغ الوزارة لا تجعل اجتهادات المدير كمسؤول جهوي بالضرورة منافية للصواب إذا كانت كفيلة بحلّ إشكالية التصحيح بما لا يؤثر على التزامات الوزارة بمواعيد الإعلان عن النتائج. وإذا كان القرار المفاجئ لوزير التربية الوطنية أثار حفيظة مختلف الأوساط التعليمية على الخصوص، فضلا عن الأوساط السياسية والاجتماعية والجمعوية، وخاصة فئة الأعيان والمنتخبين بالأقاليم الجنوبية، فإن أول من سارع إلى انتقاد ومهاجمة بلاغ الوزارة بخصوص توقيف محمد لعوينة هي لجنة التنسيق التي أصدرت بيانا باسم الـ 50 أستاذا وأستاذة الذين أوقفوا عملية التصحيح، حيث قال بيان الأساتذة إن البلاغ الصحفي للوزارة بخصوص إعفاء مدير الأكاديمية جاء مجانبا للحقيقة، ولم يذكر الأسباب والوقائع الحقيقية التي دفعت الأساتذة إلى تعليق عملية التصحيح، وهي التي حدّدها البيان في استفزاز الأساتذة المصححين، وضيق المدة الزمنية المخصصة للتصحيح، وغياب الأمن خارج أسوار المركز والدخول المتكرّر للغرباء، وأكد البيان ذاته أن مدير الأكاديمية أجرى حوارا مباشرا معهم ليلة الأحد وتعهّد بتوفير كافة الشروط الملائمة للتصحيح ليتم في اليوم الموالي مباشرة عملية التصحيح، بينما حصر بلاغ الوزارة سبب توقيف مدير الأكاديمية في عدم احترام مقتضيات المرسوم المتعلق بالتعويض الممنوح للأساتذة والمفتشين المكلفين بتصحيح الاختبارات الكتابية لامتحانات الباكالوريا مما جعل موقف الوزارة يبدو ضعيفا، خاصة وأن قرار الوزير لم يبنيه على تقرير لجنة مختصة لتحديد المسؤوليات وتقدير حجمها الحقيقي وترتيب الجزاء المناسب.
تربويات ـ أبو حمدي