مرجانة
عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ،ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتعليق وإضافة موضوع جديد أو التخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم.
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيُرْجى التسجيل .وشكرا .
ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك.
تحيات ادارة منتديات مرجانة
مرجانة
عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ،ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتعليق وإضافة موضوع جديد أو التخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم.
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيُرْجى التسجيل .وشكرا .
ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك.
تحيات ادارة منتديات مرجانة
مرجانة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرجانة

تربوية ثقافية
 
الرئيسيةالرئيسية  التسجيلالتسجيل  أحدث الصورأحدث الصور  دخول  

 

 الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رياض
عضو موهوب بمرجانة
عضو موهوب بمرجانة
رياض


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1263
اسم الدولة : المغرب
نقاط : 6608
تاريخ التسجيل : 16/04/2011
العمل/الترفيه : pr
المزاج : cool

الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)  Empty
مُساهمةموضوع: الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)    الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)  Emptyالخميس 18 أغسطس 2011, 19:59

<P align=center>
الـــلـــــــغـــــــة
تقديم:
كلمة لغة مشتقةّّّّّّّ، في اللغة العربية، من اللغا أو اللغو ويعني الكلام الفارغ غير المفيد، كما تعني مجموعة من الأصوات التي يعبر بها أفراد مجتمع معين عن حاجاتهم وأغراضهم. كما أن كلمة langage الفرنسية مشتقة من الكلمة اللاتينية lingua التي تفيد الكلام واللسان. ويتبين من هذا أن الدلالة المعجمية لكلمة "لغة" تجعلها ترتبط بالكلام.
والملاحظة المباشرة تؤكد أن الكلام فعل صوتي فردي يتم ويتلاشى في الزمان، بينما تظل اللغة مجموعة من الكلمات والأصوات والقواعد الثابتة، التي من خلالها يتحقق فعل الكلام، وبالتالي هي التي تمكن مجتمعا من التواصل وإنتاج المعرفة، ويتأكد في الوقت نفسه أن عملية التواصل يمكنها أن تتم بطرق أخرى غير الكلام : كالحركات، والإيماءات الجسدية، والعلامات، والرموز. إن اللغة ـ إذن ـ ظاهرة يمكنها أن تتخذ صورا صوتية فردية، أو صورا كونية، يمكن بواسطتها أن يتفاهم سائر أفراد المجتمعات.
كما أنها ظاهرة معقدة يمكن أن تكون موضوع دراسات متعددة في آن واحد (كالفسيولوجيا، والسوسيولوجيا، والأنثروبولوجيا، والسيكولوجيا، واللسانيات …الخ). فاللغة ظاهرة إنسانية/اجتماعية قابلة لأن تدرس من عدة زوايا بناء على طابعها المتنوع، فقد تدرس اللغة –اختصارا- من ستة زوايا كما يلي:
1)الزاوية اللسانية (Linguistique): وهي تستهدف تشريح اللغة على أربع مستويات: أولها المستوى الفونولوجي (Phonologique) ويقصد تحديد الوحدات الصوتية (الفونيمات Phonèmes) والأنساق الفونولوجية الخاصة بكل لغة على حدة. وثانيها المستوى الدلاليSémantique)) ويقصد تحديد دلالة الكلمات ومعاني الألفاظ (المورفيمات Morphèmes) التي تتركب منها الجمل داخل لغة ما. وثالثها المستوى التركيبي (Syntactiqueأو Syntaxique) ويهدف إلى ضبط القوانين والقواعد النحوية والصرفية الإعرابية التي تحكم تركيب الجملة في لغة معينة. ورابعها المستوى التداولي (Pragmatique) وهو يهتم بوظائف اللغة داخل العملية التواصلية وكيفية تداولها داخل الجماعة/المجتمع.
2)الزاوية الفيزيائية (Physique): وهي تهتم بدراسة الذبذبات أو الموجات الصوتية(Ondes Sonores) المنبعثة من المرسل إلى المرسل إليه، أي دراسة اللغة كفعل مادي خارجي محسوس قابل للملاحظة والتجريب والقياس والتكميم.
3)الزاوية الفيزيولوجية(Physiologique): وهي تدرس الأحداث الفيزيولوجية التي تطرأ على أعضاء التصويت (Organes de phonation) عند المتكلم وأعضاء الاستماع (Organes d'Audition) عند المستمع على اعتبار أنه ليس للغة أعضاء خاصة في جسم الإنسان تؤدي وظيفتها بل هي تستعير من الجسم أعضاء بواسطتها تلقي الرسالة أو تتلقاها. ومن بين أعضاء التصويت/الإرسال نجد التجويف الفمي والأسنان والشفاه والقصبة الهوائية والحبال الصوتية والرئتين… ومن بين أعضاء الاستماع/ الاستقبال نجد الأذنين الداخلية والخارجية والطبلة والألياف العصبية…أضف إلى ذلك المنطقة الخاصة بالسمع على مستوى الدماغ.
4)الزاوية السوسيولوجية (Sociologique): وهي تهتم بوظائف اللغة داخل المجتمع على اعتبار أنها أساس التواصل الاجتماعي وأنها ظاهرة ومؤسسة اجتماعية/جماعية/ مجتمعية، فلا مجتمع دون لغة كما أنه لا لغة دون مجتمع وبالتالي لا مجتمع دون تواصل كما ترى جوليا كريستيفا .
5)الزاوية السيكولوجية (Psychologique): وهنا ينصب الاهتمام على مختلف العمليات التي تطرأ داخل الدماغ البشري من قبيل: كيفية اكتساب اللغة، وكيفية الترابط الذي يتم داخل الذهن البشري بين الكلمة ومضمونها أو بين الدال والمدلول، وكيفية تكون الذات المتكلمة، وكيفية إنتاج الدلالة المبلغة (الرسالة) و كيفية فك رموزها…الخ.
6)الزاوية الفلسفية(Philosophique): وهي تلامس كل ما سبق ذكره بنظره نقدية –تقويمية- تقييمية.
هكذا تبرز التساؤلات الأساسية حول اللغة:
·كيف يمكن حصر الظاهرة اللغوية في الإنسان؟ ما الذي يجعله كائنا مفكرا ورامزا؟
·ما علاقة اللغة بالفكر؟ هل يمكن التفكير بدون كلمات؟
·هل اللغة منظومة قواعد ومبادئ تعمل باستقلال عن مؤسسات المجتمع وقيمه، أم أنها تحمل سلطة محايثة لها؟

اللغة خاصية إنسانية
هل اللغة خاصية إنسانية؟ كيف نفسر وجود اللغة عند الإنسان دون غيره؟ ثم ألا يمكن الحديث عن لغة لدى الحيوان؟ وأخيرا ما هي مميزات التواصل الإنساني بواسطة اللغة بالمقارنة مع التواصل الحيواني؟
ينطلق ديكارت من قناعة مفادها أن الإنسان وحده الكائن الناطق أو بالأصح الكائن الرمزي (Symbolique) الذي يستخدم اللغة المنطوقة/المكتوبة/الحركية للتعبير عن أغراضه ومشاعره وأفكاره… وأساس حضور اللغة (بمفهومها هذا) عند الإنسان هو وجود الفكر لديه ، كما أن علة غيابها عند الحيوان هي افتقاره إلى الفكر. ودليل ديكارت على هذا هو أن الإنسان مهما بلغ به النقص يستطيع استخدام العلامات للتعبير عن أفكاره (كالصم البكم الذين يخترعون علامات وحركات لهذا الغرض) ، في حين أن الحيوان مهما بلغ من الكمال لا يستطيع استعمال اللغة (فنطق الببغاء مثلا ليس لغة لأنه مجرد تعبير عن انفعال إشراطي) . وبهذا تكون عبارة : "الإنسان حيوان عاقل" مرادفة لعبارة "الإنسان حيوان ناطق" ، إذ أن العقل/ الفكر أساس النطق/ اللغة . فلا لغة دون فكر أو كما قالت العرب «اللغة دالة الفكر».
إن ما يدعى لغة حيوانية لا يعدو أن يكون حركات طبيعية لا تمثل في نهاية المطاف سوى ردود أفعال غريزية أو قابلة للبرمجة عن طريق الترويض ومن ثم قابلة للتوقع أو أنها استجابات آلية لمثيرات ودوافع. بدليل أن أكمل الحيوانات خلقة وأكثرها ذكاءا وأقدرها على إصدار أصوات كالببغاء لا تنطق نطقا يشهد أنها تعي ما تقول، ويظل "أداؤها اللغوي" دون مستوى أداء أغبى الأطفال أو مستوى الصم والبكم الذين حرموا أعضاء النطق لكنهم قادرون مع ذلك على ابتكار علامات يجعلون بها أفكارهم مفهومة. إن اللغة إذن وظيفة التعبير عن الفكر ودلالة على الوعي الذين ينفرد بهما الإنسان من منطلق كونه مركبا من جوهرين: الجسد وخاصيته الامتداد ثم النفس وخاصيتها التفكير. أما الحيوان فلا يملك غير الحركات الطبيعية أو الإنفعالات.
لقد أبان ديكارت أنه يمكن اعتبار الأصوات التي تصدر عن الحيوان مجرد استجابات انفعالية لمؤثرات مرتبطة باللذة أو الألم. فالصوت المشروط باللذة أو الألم لا يمكن اعتباره إلا فعلا منعكسا شرطيا وليس تواصلا. إن اللغة ليست ظاهرة فسيولوجية، لذا يمكن القول بأن الحيوان لا يملك عقلا، ومن ثمة فهو غير قادر على استعمال اللغة.
أما إميل بنفنيست، فيستند على نتائج علم الحيوانات (Zoologie) من جهة والسيميولوجيا (Sémiologie) من جهة ثانية ليقر بأن الحيوانات كذلك تتواصل إلا أنها لا ترقى إلى نفس مستوى التواصل اللغوي عند الإنسان. فبالاعتماد على بعض التجارب التي أجريت على النحل، بين بنفينست أن النحلة تستطيع التواصل في إطار شروط فزيائية معينة، إلا أن هذا "التواصل" هو عبارة عن رقصات لا تستدعي الحوار: فلا يمكن لنحلة أن تعيد إنتاج رسالة نحلة أخرى (غياب الإرسال المجدد)، وموضوع الرسالة مرتبط دائما بشروط موضوعية ينحصر في مكان وجود الغذاء، لأن لغة الحيوان لغة نمطية، ومرتبطة باستمرار بدوافع غريزية. لذا لا يمكن أن نجد خلافا بين رسالة نحلة وأخرى، إلا فيما يخص متغيرات مرتبطة بالمكان. وأخيرا فإن لغة النحل لا تقبل التحليل (التفكيك) إلى عناصر وأجزاء صغرى نظرا لمحدودية مكوناتها. إن لغة النحل هذه لا تعبر فعلا ولا يمكنها أن تعبر سوى عن عدد محدود من المضامين بسبب محدودية عدد التأليفات والتنويعات الممكنة التي تقبلها لغة الرقصات، كما أنها لا تسمح بقيام حوار إذ تظل الرسالة في اتجاه وحيد دون استجابة لغوية من المتلقي، ودون إمكانية نقلها إلى طرف ثالث، كما تشترط الحضور الفعلي للموضوع الخارجي المشار إليه. وهذه القيود كلها تنفلت منها اللغة الإنسانية.
الجدول أدناه يبين الاختلاف بين التواصل الإنساني والتواصل الحيواني، حسب بنفينست:
التواصل الإنساني
التواصل الحيواني
·صوتي أو رمزي في معظمه
·مكتسب
·قائم على الفكر والتفكير
·بديل عن الواقع/المرجع
·متعدد المواضيع/المضامين
·متطور/ديناميكي
·غير صوتي (حركي أو إفراز بيوكيماوي) في معظمه
·فطري/غريزي
·قائم على الانفعال
·لا يغني من العودة إلى الواقع/المرجع
·وحيد الموضوع/ المضمون (الأكل/ الشرب/الجنس/الخطر)
·غير متطور/ستاتيكي

إن اللغة الإنسانية تسمح بالتأليف والتركيب بين عناصر متنوعة (الحروف، الكلمات، الجمل، الفقرات، السياقات...)، إذا تمفصلت فيما بينها يمكن أن تكون لها دلالات متعددة ولا متناهية بالاعتماد على عدد متناهب من الحروف والكلمات. ولعل هذه الخاصية هي التي تميز اللغة الإنسانية عن غيرها من أنظمة التواصل لدى الحيوان. فكيف يمكن لأصوات (حروف الأبجدية مثلا) وكلمات (مفردات القاموس) متناهية العدد أن تعبر عما لانهاية له من المضامين؟ يعود ذلك إلى خاصية التمفصل المزدوج التي كشف عنها أندري مارتيني. وتتلخص في نوعيت من التمفصل (Articulation) :
·التمفصل الأول: وهو عبارة عن تمفصل اللغة في شكل وحدات صوتية قادرة على التعبير عن خبرة معينة، فهذا النوع من التمفصل هو الذي بوسعه أن يقضي على فردانية الخبرة بتحويلها إلى خبرة لسانية جماعية. وميزة هذا التمفصل أنه اقتصاد لساني: فمن خلال وحدات صوتية محدودة، نستطيع أن نعبر عن تجارب متنوعة، مادامت الوحدات الصوتية تستطيع أن تدخل في سياقات أخرى جديدة، كما أنه اقتصاد سيكولوجي، لأنه يجنب الذاكرة البشرية الاضطرار إلى حفظ وحدات صوتية كثيرة، قد يصل عددها إلى عدد إلى عدد التجارب.(أصغر ما يمكن أن نطلق عليه اسم التفصل الأول هو الجملة).
·التمفصل الثاني: وهو عبارة عن تمفصل فونيمات (فارغة من المعنى) في وحدات صوتية من التمفصل الأول؛ وهكذا يكون التمفصل الثاني أساس الأول، وميزته أنه يمثل اقتصادا لسانيا : فبواسطة فونيمات محدودة نستطيع إنشاء مورفيمات ومونيمات ودلائل متنوعة تستطيع بدورها أن تدخل في سياقات عديدة من التمفصل الأول. وميزته، كذلك، أنه يشكل اقتصادا فسيولوجيا : فبدونه، سيكون الإنسان مضطرا إلى ابتكار عدد كبير من الأصوات التي قد لا تطابق قدراته الفسيولوجية. من هذا نستنتج، أن النسق اللغوي ليس نسقا لانهائيا إلا من حيث تأليفاته؛ أما من حيث جذوره فإنه يعتبر محدودا. هكذا يستطيع الإنسان أن يعبر عن خبراته المتنوعة د ونما حاجة إلى خلق وحدات صوتية مطابقة لكل الأشياء والأحداث.(لفهم التمفصل الثاني يكفي أن نأخذ كمثل على ذلك الحروف الأبجدية فهي بضع حروف فرغة من المعنى لكن نستطيع أن نصنع بها آلاف الكلمات).
ليست اللغة خاصية إنسانية فحسب بل هي علامة مميزة للوجود الإنساني. وقد ذهب إرنست كاسيرر إلى حد القول بأن اللغة والإبداعات الرمزية عامة قد خلقت عالما رمزيا متوسطا بين الإنسان والعالم المادي بحيث أصبح إدراك العالم الواقعي مستحيلا بغير التحويلات التي يخضعه لها العالم الرمزي. ومن هنا وصف الإنسان بكونه "حيوانا رامزا". فالإنسان يعي العالم عبر شبكة من الرموز اللامتناهية: فكل ما يعرفه الإنسان عن الواقع هو مقادير ومعايير ودوال... أي رموز أو شبكة رمزية. وكلما أغرق الإنسان في هذه الشبكة الرمزية تراجع الواقع إلى الخلف، والعكس صحيح حسب كاسيرر.
لم يعد الإنسان عند كاسيرر مجرد حيوان ناطق بل أصبح حيوانا خالقا للرموز، وأصبحت صفته هذه هي الدليل الوحيد على إنسانيته. وعلى هذا الأساس يرى كاسيرر أنه بدلا من أن نعرف الإنسان باعتباره حيوانا عاقلا، فإن علينا أن نعرفه باعتباره حيوانا رامزا. فالإنسان لا يعيش في عالم واقعي وإنما في عالم رمزي مكون من اللغة والدين والفن والأسطورة. وبالتالي فإن دراسة الإنسان تصبح قائمة على أساس دراسة هذه الرموز.
اللغةوالفكر
يستطيع الإنسان بواسطة اللغة أن يتمثل الواقع في الذهن دونما حاجة للتقيد به، ويستطيع استحضاره في صورته وشكله الماديين والتفكير فيه دونما حاجة لاسترجاعه... وهذا ما يحيل إلى طبيعة العلاقة الموجودة بين اللغة والفكر: هل هي علاقة تبعية وتلازم؟ أم علاقة انفصال وقطيعة؟
إن الوقائع والملاحظات التي تدفع للاستنتاج بأن الفكر سابق ومستقل عن اللغة متعددة.فهناك من جهة تعدد الأنظمة الدالة بتعدد الألسن بل وتعدد أنساق العلامات التي يستخدمها الفرد الواحد للتعبير عن نفس الفكرة من حركات وإيماءات ورموز متنوعة ممايدفع إلى القول باستقلال الفكرة عن العبارة لإمكانية انفصال الفكرة عن علامة ماوارتباطها بأخرى: هناك إذن نوع من تعالي الفكر على أداته اللغوية، ومن جهة أخريتبدى الفكر سابقا على اللغة عندما يبحث الإنسان طويلا عن كلمات مناسبة للتعبير عن فكرةما. لهذه الأسباب يفترض الحس المشترك أننا نفكر أولا ثم نعبرثانيا أي ننتقل بعد التفكير إلى إلباس أفكارنا بكلمات ملائمة.« L’homme pense sa parole avant de parler sa pensé » . وفي مثل هذه الحالة لن تكون الكلمات والجمل سوى أداة بعدية تساعد على إظهارمنتوج عملية التفكير التي تتم قبل وبدون اللغة. وإذا كانت الكلمات والجمل ضروريةلتبليغ نتاج عملية التفكير للآخرين فإنها بالمقابل غير ضرورية لحدوث عملية التفكيرذاتها. هنا تحصل مقابلة أو معارضة الوظيفة المعرفية للفكر بالوظيفة التواصلية للغة.
يمكن أن نجد سندا لهذا الموقف عند ديكارتلا سيما في ثنائية النفس/الجسم: فالفكر لامادي مرتبطبالنفس بل هو طبيعتها المميزة لها، أما اللغة فتنتمي للجسم بسبب طبيعتها المادية (الأصوات، الكتابة...) ومن غير الممكن تصور علاقة اتصال بين هاتين الطبيعتينالمتمايزتين، إلا أن تكون اللغة مجرد أداة أو وسيلة للتعبير عن الفكر القائم بذاته. لهذا ينعت مثل هذا التصور بالتصور الأداتي للغة. فإلى أي حد يصمد هذا التصور أمامالنقد وإلى أي حد يعبر فعلا عن حقيقة العلاقة بين اللغة والفكر؟
توقف ميرلوبونتي عند هذه العلاقة الإشكالية بين اللغة والفكر مستخدما المنهج الفينومينولوجي المعتمد على وصف المعطيات المباشرة للوعي قبل تدخلالنشاط الإدراكي التنظيمي للعقل، ليبين المآزق النظرية للتصور الأداتي الذي يعتبراللغة والفكر كيانين متمايزين في حين أنهما سيرورتان متزامنتان. لا ينبغي على مستوىالتعبير وصف اللغة بكونها علامة أو لباسا للفكر لما يفيده ذلك من اعتباطية العلاقةوانفصالهما كما ينفصل الدخان عن النار رغم كونه علامة عليها، والأجدر وصف اللغة بجسدالفكر أو شعاره لأن كلا منهما محتوى في الآخر: فالمعنى يؤخذ من الكلام؛ أو كما تقولاللسانيات البنيوية معكريستيفامثلا، فالمعنىلا يوجد خارج شبكة التقابلات والاختلافات التي تجمع بين الكلمات المنتمية لنسق لسانيما. بل إن الكلام يملك قوة للدلالة خاصة به، بدليل أن المعاني الجديدةتظهر دائما بمناسبة اشتقاق ألفاظ أو تراكيب أو تعابير جديدة كما يفعل الأدباء. إن فاعلية الإنسان الذهنية والمعرفية تتعامل مع الكلمات أكثر مما تتعامل مع الأفكار وإلالماذا يتذكر الإنسان كلمات وجملا على نحو أيسر مما يتذكر أفكارا بل إن استدعاء هذه يتطلبأولا استدعاء تلك؟ وبعبارة أخرى فالكلام هو الوجود الخارجي للمعنى وحضور الفكر داخل العالم المحسوس مثلما أن الفكر هو التمظهر الداخلي للكلام، وليس التفكير الصامت كما يعتقد البعض، إنه بالأحرى ضجيج خافت من الكلمات. وهذا ماأكدته الدراسات العلمية الحديثة في مجال فيزيولوجيا الدماغ. لقد وجد أن الباحاتالمسؤولة عن الكلام تنشط (أي تصدر إشارات كهروميغناطيسية) حتى عندما يفكر المرء فيصمت. هكذا ينتهيميرلوبونتيإلى التوحيد بين اللغةوالفكر باعتبارهما وجهان لنفس السيرورة المعرفية، رافضا التصورات الفلسفية القائمةعلى ثنائيات اللغة/الفكر أو الخارج/الداخل.
يؤكدميرلوبونتيوحدة اللغة والفكر متسائلا: لماذا تكون الذاتالمفكرة نفسها في حالة عدم معرفة بأفكارها مادامت لم تعبر عنها ولو لذاتها؟وبالتالي فالفكرة التي تكتفي بأن توجد بذاتها خارج نسيج الكلمات ستسقط في اللاوعيبمجرد ماتظهر. ومن ثم فنزوع الفكر نحو التعبير ليس نزوعا بعديا، بل هو نزوعصميمي نحو الوجود والاكتمال.
ويرىدوسوسيربأن الفكر بمعزل عنالكلمات لا يعدو أن يكون سديما أو عماءا ضبابيا أي كتلة غير متميزة. لذلك يتعذرالتمييز بين فكرتين أو معنيين كالاحترام والتقديس مثلا دون الاستعانة بالوحدات اللسانية المقابلة لهما. مما يسمح بالقول إن الفكر كتلة متصلة ممتدة لا يمكنأن نتبين منه شيئا ما لم يتجزأ وينقسم وفق الوحدات اللسانية أي الكلمات، فهناك إذنعلاقة جدلية، الفكر واللغة فيها أشبه بوجهي ورقة النقد لا يمكن تمزيق وجه دونالمساس بالآخر. ثم ماذا لو سألنا أنفسنا : مالفكر؟ إنهما تنتجه فعالية التفكير؟ وماالتفكير؟ إنه من الوظائف العليا للدماغ وهو مفهوم يجمعسيرورات جزئية كثيرة: كالتذكر والتحليل والتركيب والمقارنة والترتيب والتجميع والتمييز والربط والفصل...إلخ. ومن البين أن هذه السيرورات والعمليات المجردة غيرممكنة بدون أدوات رمزية هي الوحدات اللسانية.
كل ماسلف يؤكد العلاقة الجدلية وعلاقة التزامن لا الأسبقية بين اللغة والفكر. وقدعبرت عن ذلك اللغة اليونانية بأن أطلقت لفظة اللوغوس Logos على اللغة والعقلمعا. ولكن هل تجيز هذه الدلائل الإسراع بإعلان أن حدود الفكر هي حدود اللغة ؟ وأنهحيث تتوقف هذه يتوقف ذاك؟
ينبغي التروي، إذ توجد دلائل أخرى كثيرة على امتداد الفكر خارج دائرة اللغة وأبعد من حدودها: منها لجوء العلماء إلى اصطناع لغات رمزية للتعبير عن العلاقات أوالوقائع التي يكتشفونها، ومنها تجاربنا الوجدانية التي تبلغ أحيانا من الخصوصيةوالحدة درجة يستحيل معها كل تعبير لغوي ، فيما يمدنا المتصوفة بدليل آخر من تجاربهمالروحية: فما يعيشونه من أحوال وما تحصل لهم من مشاهدات وما يبلغونه من مراتبإيمانية يتجاوز بكثير كل الإمكانت التعبيرية للغة المتداولة من هنا لجوؤهم إلىالرمزيات أو إحجامهم عن التعبير. لقد رد هنريبرغسونعجز اللغة هذاإلى منشئها نفسه: فهي أصلا أداة ابتكرها العقل المنطقي المنشغل بالتعامل مع المادة والاستفادة منها عن طريق تجزيئها وإخضاعها للقياس وتصنيفها ضمن مقولات عامة، طلباللانتفاع والمردودية، ولا يمكن لمثل هذه الأداة أن تعبر عما هو وجداني خاص متصل غيرقابل للتجزؤ وغير منطقي بالضرورة، عن تيار متدفق صفته أنه متصل كيفي أو "ديمومة". يقولبرغسون:"كل منا يحب ويكره بطريقته الخاصة، وهذا الحب والكراهية يعكسان شخصيته بكاملها. إلا أن اللغة ترمز إلى هاتين الحالتين بنفسالكلمات لدى كل الناس، فلا تعبر من ثم سوى عن الجانب الموضوعي اللاشخصي في الحبوالكراهية وآلاف العواطف الأخرى". إن الكلمات لا تأتي فقط غير متوافقة بل ومتأخرة أيضا، ففي ذروة الألم لا يملك الإنسان غير الصياح فقط، ولا يتكلم عن الألم ليصفه، أو ليصف ذكرياته ومخلفاته إلابعد هدوئه أو زواله، لذا يقولألفونس دوديه: "لنتساءلفي البداية عن مدى قدرة الكلمات عن التعبير عن الألم الحقيقي، إنها تأتي دائمامتأخرة بعد أن يكون كل شيء قد عاد إلى سابق أوانه. إن الكلمات لا تعبر سوى عن ذكرياتفهي إذن كاذبة عاجزة".
اللغة ليست مجردأداة للتعبير عن فكر جاهز ومكتمل. إن التفكير والتعبير سيرورتان متزامنتان ومظهرانلنفس الوظيفة المعرفية المميزة للإنسان، دون أن يعني ذلك قدرة اللغة على استنفاذغنى الفكر وإمكاناته المتعددة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زيدان
عضو مبدع بمرجانة
عضو مبدع بمرجانة
زيدان


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 1086
اسم الدولة : المغرب
نقاط : 6233
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
العمر : 58

الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)    الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)  Emptyالسبت 20 أغسطس 2011, 16:56

شكرا لك وبارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفلسفة الدرس الثالث (الـــلـــــــغـــــــة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الدرس الثاني في الفلسفة (الرغبة)
» الفلسفة الدرس الخامس (العلم والـتقنية)
» فلسفة الدرس الثامن (الــفــن)
» التخطيط في الدرس الفلسفي
» فلسفة الدرس الرابع (الــمجتـمـع)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مرجانة :: مرجانة التعليم الثانوي التأهيلي :: أولى باك-
انتقل الى: