سعيد لشكر أو عندما تصبح السلاسل في خدمة التربية !

سعيد لشكر أو عندما تصبح السلاسل في خدمة التربية !

محمد أزوكاغ

يبدو أن التطبيع مع العنف داخل المؤسسات التربوية بفعل ديمومته أصبح
يفرض نفسه أكثر فأكثر على الفاعلين في هذا الحقل، إذ أضحت مظاهر العنف
داخل أسوار المدرسة جزءا لا يتجزأ من العملية التربوية !

مناسبة هذا الحديث هو ما وقع للأستاذ "سعيد لشكر" الذي تعرض مؤخرا
لهجوم بسلسلة حديدية من طرف تلميذ يتابع دراسته بالمستوى الإعدادي والذي
أصفرت عنه إصابات بالغة على مستوى الرأس، الأستاذ الذي يفترض أن يبذل
مجهوده العضلي والنفسي والمعرفي لأداء رسالته التربوية أصبح لا يقوى على
الوقوف بسبب الإ**** أما الطفل والزوجة فتلك حكاية أخرى.

أن يستقدم المتعلم سلسلة حديدية أو سلاحا أبيضا إلى مؤسسة تربوية بل
ويستخدمها في مهاجمة الأساتذة والإدارة التربوية، فهذا يشكل تحديا حقيقا
وإشكالا أخلاقيا ونفسيا يتجاوز مجرد التعبير عن موقف ما. فمهما كانت
الخلافات بين المتدخلين داخل المدرسة المغربية لا يجب أن نصل فيها، في
جميع الحالات، إلى هذا الحد الذي يجعل أستاذا يعجز لمدة تزيد عن أربعين
يوما وزوجة متأزمة نفسيا ومعنويا ناهيك عن وضعية الأطفال.

السؤال الذي يفرض نفسه ها هنا وبقوة يتعلق بالعوامل التي تدفع بتلميذ
قاصر إلى مهاجم أستاذه بهذا الشكل، هو سؤال يطرح أساسا على الدولة، لأننا
لم نعد أمام ظاهرة معزولة بل إن العنف المدرسي أصبح إشكالية هيكلية تستوجب
نظرا عميقا لا يستهدف تحليل السلوك بما هو ظاهرة في حد ذاتها وإنما
التعاطي معه في إطار بنية.

نعم الأمر يتعلق ببنية العنف، بنية تضم متغيرات عدة لكن الثابت فيها
واحد يطفوا على السطح باستمرار. المقصود هنا هو الضحايا سواء تعلق الأمر
بهيئة التدريس والإدارة التربوية أو بالمتعلم نفسه وكثيرا ما كان.

إن حصر الموضوع في "الشغب" أمر لم يعد ذي جدوى، والوقوف عنده فقط نظرة
قاصرة وهذه هي المشكلة تحديدا، أقصد أننا ننظر إلى "شغب" المتعلم في حد
ذاته ولا نتساءل عن عوامله. نحن لا ننفي أبدا مسؤولية التلميذ في هذه
الحالة وهي مسؤولية ثابتة، لكن يجب أن تكون النظرة أكثر شمولية ومنطق
تفكير يربط السلوك المعبر عنه ببنية تشكله.

هنا تقع مسؤولية الدولة بالتعيين، فالتلميذ الذي يمارس عليه عنفا
ممنهجا سواء من طرف الإعلام أو الشارع أو الأسرة أو الاكتظاظ أو المقررات،
إضافة إلى جو القمع السائد في الحقوق والحريات والإبداع وعدم وجود ضمانات
لتجاوز الإخفاق الاقتصادي/الاجتماعي وانسداد الأفق وضبابيته... إلخ كلها
عوامل تؤدي بتراكمها إلى بروز نوع من الاحتجاج العنيف وغير المسؤول ضد
الدولة. وبما أن الاستاد "يمثل" الدولة في نظر المتعلم ،بتأثير من الأسرة
والثقافة الشعبية، إذن فهو يوضع تلقائيا ومن حيث لا يدري في فوهة المدفع.
مرة أخرى نقول إن الأستاذ المعنف، مهما كان، هو ضحية المجتمع والدولة أولا وأخيرا.

شكرا لك على المستجدات التربوية

متابعة متميزة للمستجدات من طرفك أخي أبوفاطمة
جزاك الله الفردوس الأعلى