تحية عطرة اريد ان تستفيدوا معي بهذه المقالة
تقول الدكتورة سوزانا ميلر
أخصائية علم نفس الطفل" لقد ظلت كلمة "لعب" زمنا طويلا تعبيرا يشبه سلة
المهملات اللغوية التي نلقي فيها بكل سلوك اختياري, ولكن لا يبدو له أي
استعمال واضح من الناحية البيولوجية أو الاجتماعية"(3).
وبالفعل فإن العديد من الآباء والأمهات بل حتى المربين يخفقون في فهم ماهية
اللعب وضرورته الحيوية بالنسبة للطفل, إذ يعدونه سلوكا فارغا من أي
محتوى وظيفي, وعائقا أمام التحصيل الدراسي, وقد غاب عنهم أنه أول بوابة
يلجها الطفل لاكتشاف نفسه أولا, ثم استكشاف العالم.
إنه موقف يبدو غريبا إذا قورن بلحظة الاعتراف بالقيمة العملية للعب, والتي
ترجع إلى زمن أفلاطون وأرسطو, حيث نادى الأول في كتابه " القوانين"
بتوزيع تفاحات على الأطفال لمساعدتهم على تعلم الحساب, ومنح أدوات بناء
مصغرة لمن يتوقع أن يكونوا بنائين في المستقبل, بينما دعا الثاني إلى
تشجيع الأطفال على اللعب بما سيكون عليهم أن يفعلوه بشكل جدي حين يصيروا
راشدين. كما أن العديد من الدراسات والأبحاث التربوية والنفسية أجمعت على
اعتبار اللعب ضرورة بيولوجية, ونشاطا أساسيا لتكوين شخصية الطفل ,بل يذهب
بعض خبراء التربية إلى أنه وسيلة التعلم الوحيدة خلال الخمس سنوات
الأولى.
لكن قبل المضي في تبيان فوائد اللعب وآثاره على نمو الطفل,لا بد من إضاءة
أولية لماهية اللعب وطبيعته وخصائصه, بالإضافة إلى الحيز الذي يشغله في
أهم النظريات والمقاربات السيكولوجية.
1) ماهية اللعب:
لغـــة:
جاء في لسان العرب لابن منظور: اللعب ضد الجد, ويقال لكل من عمل عملا لا
يجدي عليه نفعا: إنما أنت لاعب, ويقال: رجل لعبة أي كثير اللعب, والشطرنج
لعبة, والنرد لعبة, وكل ملعوب به فهو لعبة لأنه اسم.
اصطلاحا:
تتعدد تعريفات اللعب وتتباين بالنظر إلى الإطار المرجعي الذي يستند إليه كل
باحث في رصده لهذا السلوك.كما أن جلها إنما هي وصف للعب وليست تعريفا
له, مما يجعل تقديم مفهوم موحد صعبا للغاية. لذا أكتفي بإيراد نماذج توضح
هذا التباين:
Weiny Comin - تعريف ويني كامين:
اللعب هو أي نشاط يمارسه الطفل دون أية ضغوط عليه من البيئة المحيطة به
والمتمثلة في بيئته العائلية والاجتماعية, والبيئة الطبيعية.
Percy - تعريف بيرس:
اللعب هو كل نشاط يقوم به الفرد لمجرد النشاط دون أدنى اعتبار للنتائج
التي قد تنتج عنه بحيث يمكن الفرد الكف عنه أو الاسترسال فيه بمحض إرادته.
Good - تعريف قاموس التربية لمؤلفه جود:
اللعب نشاط موجه أو غير موجه يقوم به الأطفال من أجل تحقيق المتعة
والتسلية, ويستغله الكبار عادة ليسهم في تكوين سلوكهم وشخصياتهم بأبعادها
المختلفة العقلية والجسمية والوجدانية.
Huzinga - تعريف هوزنجا:
اللعب هو كل أنواع النشاط الحر الذي يؤدى بوعي تام خارج الحياة العادية
باعتباره نشاطا غيرجاد وغير مرتبط بالاهتمامات المادية .وهو مقتصر على حدود
الملاءمة, وينفذ وفق قواعد مضبوطة.
Jean Piaget - تعريف جون بياجيه:
اللعب عملية تمثل تعمل على تحويل المعلومات الواردة لتلاؤم حاجات
الفرد.فاللعب والتقليد والمحاكاة جزء لا يتجزأ من عملية النماء العقلي
والذكاء.
2)خصائص اللعب:
رغم كثرة تعريفات اللعب وتباينها لارتباطها بتوجهات كل باحث,إلا أن هناك اتفاقا حول خصائصه وسماته.
يجمل الدكتور محمد محمود الحيلة سمات اللعب الأساسية فيما يلي:
-هو نشاط لا إجبار وغير ملزم للمشاركين فيه, وقد يكون بتوجيه من الكبار أو بغير توجيه كما في الألعاب الشعبية.
- تعد المتعة و السرور جزءا رئيسيا و هدفا يحققه اللاعبون من خلال اللعب و غالبا ماينتهي إلى التعلم .
- من خلال اللعب يمكننا استغلال الطاقة الذهنية و الحركية للاعب في آن واحد.
- يرتبط اللعب بالدوافع الداخلية الذاتية للطفل, حيث أنه يتطلب السرعة والخفة والانتباه وتفتح الذهن.
-اللعب مطلب أساسي لنمو الطفل وتلبية احتياجاته المتطورة وتعليمه التفكير .
-اللعب عملية تمثل, أي أن الطفل يتعلم باللعب, وحتى يكون اللعب فعالا لابد للطفل من تمثله.
-اللعب مطلب أساسي لإثارة تفكير الأطفال, وتوسيع مجال تخيلاتهم, وبناء التصورات الذهنية للأشياء
أما" ف.بيتش" فقد أورد خصائص اللعب كما يلي:
* اللعب يحمل عنصرا انفعاليا.
* يميز الكائن الأقل نضجا عن الكائن الأكثر نضجا.
* لا تكون له نتائج بيولوجية مباشرة تؤثر في وجود الفرد أو النوع.
* أشكاله متنوعة وعديدة.
* يعتمد استمراره و تنوعه على مستوى التطور الذي وصل إليه الكائن (5)
في حين يحدد الكاتب الفرنسي "كيلوا" سمات اللعب كما يلي:
* اللعب مستقل ويجري في حدود زمان ومكان محددين ومتفق عليهما.
* غير أكيد, أي لا يمكن التنبؤ بخط سيره وتقدمه, أو نتائجه.وتترك حرية ومدى ممارسة الحيلة فيه لمهارة اللاعبين وخبراتهم.
* يخضع لقواعد أو قوانين معينة أو إلى اتفاقات أو أعراف تتخطى القواعد المتبعة, وتحل محلها بصورة مؤقتة.
* إيهامي أو خيالي, أي أن اللاعب يدرك تماما أن الأمر لايعدو كونه بديلا للواقع.
وعلى العموم يمكن حصر خصائص اللعب في ثلاث سمات رئيسية : 1) دوافعه داخلية2) يحقق متعة للطفل3) مرن ومتحرر من أية قواعد تفرض عليه .